قوة المائة والأربعون حرف: مدونة تويتر في الشرق الأوسط

الاحتجاجات الهائلة المستمرة فى ايران فى الشهر الأخير ضد التزييف الواضح فى نتائج الانتخابات الرئاسية اصبحت  ممكنة عن طريق الانتشار الواسع لوسائل الأتصالات الحديثة. ومن بين هذه الوسائل “تويتر” المدونة الصغيرة التى تمكن مستخدميها من توزيع الرسائل القصيرة التى لا تزيد عن مائة وأربعون حرفاً عبر الانترنت (و التي تسمى “تويتس”) بما فى ذلك الهواتف الجوالة ويمكن للمرء متابعة المدونات الخاصة بهم (تويتس) المفضلة لديهم، سواء من الأفراد أو تلك التصريحات من جانب الجماعات  من خلال زيارة الموقع  www.twitter.com

وبصرف النظر عن كون “تويتر” وسيلة اتصالات شخصية يتم استخدامه في الشرق الأوسط العربي – الاسلامى على نطاق واسع من قبل الأفراد والمجموعات و يغطى سلسلة المجتمع كاملةً ويتم استخدام “تويتر” من قبل المجموعات السياسية والأجتماعية والمواقع الدينية والمراكز الثقافية الاسلامية  بجانب الترويج للافلام والموضة والتجارة. منظمات الأخبارر مثل أل سي إن إن وال بى بى سي (خاصة باللغة الفارسية) قناة الجزيرة وصوت أمريكا لديهم دعم شائع الأنتشار من “تويتر”.

“تويتر” تقوم بتوصيل الاخبار بسرعة وذلك لطبيعة تركيبتها البسيطة ولذلك الكثير من الناس يفضلوا “تويتر” على الجرائد اليومية كمصدر أساسى للاخبار.

ونظراً لتوازى المعلومات فى الكون  تمكنك “تويتر” من نشر المعلومات وتعبئة الرأى العام و التهرب من الرقابة الحكومية , فى سوريا على سبيل المثال: تمكنت “مدونة تويتر” من عمل احتجاجات ضد القرار الذى اتخذه الموقع (لينكدلين) وهو شبكات اجتماعية  موجهه للمهتمين بالأعمال التجارية لوقف خدماتها فى سوريا وانعكس القرار فى نهاية المطاف.

فى وقت سابق من هذا العام فى إيران تم استخدام “مدونة تويتر” في “حركة الثامن عشر من مارس” فى ذكرى المدون الأيرانى “اوميد رزاه” “Omid Rezah” والذى توفى فى السجن فى هذا التاريخ وللضغط على السلطات لاطلاق سراح سبع زعماء بهائيين كان قد تم القبض عليهم فى شهر مايو.

وفي ظهور قوى لمدى قدرة “تويتر”, ظهرت عقب القبض على طالب الصحافة الأمريكى فى مصر اثناء تصويره لمظاهرة بعث على الفور رسالة  عبر تليفونه المحمول يصرح فيها انه تم القبض عليه الى اتباعه ال48 على”تويتر” والرسالة انتشرت بسرعة فى جميع أنحاء العالم ونتيجة للاهتمام الذي أعقب ذلك والتوسلات، تم الإفراج  عنه بسرعة وبالمثل: المدون المصري المعروف “وائل عباس”، كان سريعاً فى نشر أعتقاله وتجاربه  السابقة  مع الشرطة في أبريل الماضي، مما تسبب في احراج السلطات الرسمية المصرية.

تنوع استخدام “تويتر” من قبل المرأة فى العالم العربى وذلك ليس من المدهش نظراً للسرية النسبية التى تعطيها  “تويتر” للمستخدم. تسمح “تويتر” للمرأة  بالبحث عن أزواج, ومناقشة حياتها, و مناقشة القضايا المتعلقة بوضع المرأة المسلمة فى مجتمعها والتواصل و التضامن مع الافراد المتشابهين فى التفكير على سبيل المثال: السحقايات. نساء من المملكة العربية المتحدة يميلون الى إخفاء “تويتس” الخاصة بهم بحيث فقط الذين اخذوا تصريح منهم من قبل يمكنهم قراءة تصريحاتهن. النساء من المجتمعات العربية الأخرى والتى هى أكثر اجتماعية واقل هرمية من المملكة العربية السعودية غالبا ما يسمحون للكل بقراءة “تويتس” الخاصة بهم.

جماعات الدفاع عن حقوق المرأة تستفاد من “تويتر” على سبيل المثال الجمعية المصرية  “كلنا ليلى” قد حاربت ضد عدم المساواة فى حياة المرأة اليومية فى مصر وفى العالم العربى بشكل عام على مدى الثلاثة سنين الماضية وكذلك الملكة رانيا والتى تكتب عن مواضيع متنوعة تقريبا بشكل يومى لعدد قراء ما يقرب من 125000 قارئ.

ومن المؤكد أن هناك من يقلل من أهمية “تويتر” من حيث الأعتماد عليها  كمصدرا للمعلومات ، بالإشارة إلى الحد الأقصى للحروف وهو 140 حرفا للموضوع ، والنشر الفورى على مستوى العالم لـ “مدونة تويتر” للمعلومات دون  فحصها للتأكد من حقيقتها. لكن هذه القيود هي أيضا أساس قوتها.

“تويتر” بمثابة منصة سريعة و مباشرة  قادرة على تجاوز الرقابة الرسمية و وسائل الاعلام الرسمية والقيود على حرية التعبير من قبل الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط ، بوجه خاص غالبا هى الطريق الوحيد تقريبا لمختلف الفئات الاجتماعية للحصول على رسائلهم دون تدخل من الحكومة.

وسلط الضوء على قوة “تويتر”  في نقل التقارير من موقع الحدث على الفور في الأشهر التي سبقت الانتخابات الرئاسية الايرانية وفي المظاهرات اللاحقة ضد تزوير النتائج. جنبا إلى جنب مع غيرها من الشبكات الاجتماعية الحية ، وخدمت “مدونة تويتر” كمصدر حصري تقريبا على الأحداث في شوارع طهران.

ومع ذلك، حكومات الشرق الأوسط لم تظل سلبية في مواجهة التوسع السريع في وسائل الإعلام الجديدة، وبشكل خاص الشبكات الاجتماعية الحية التي تزيد من إمكانية العمل الفردي والتحديات التي تواجه الحكومات.  واستثمرت السلطات في جميع أنحاء المنطقة جهودا كبيرة في تنظيم وتقييد هذه الوسائل الجديدة للاتصال. على سبيل المثال، منعت حكومة دبي جزئيا موقع الشبكات الاجتماعية الفيس بوك وبرنامج مكالمات الصوت والفيديو عن طريق الانترنت سكايب، مدعية أن هناك ما يبرر هذا العمل من أن “المحتوى لم يكن في وقت متزامن مع القيم الدينية والثقافية والسياسية والأخلاقية لدولة الإمارات العربية المتحدة” .
وشنت إيران ضغط ثقيل على “تويتر” ومواقع الشبكات الأجتماعية الاخرى ليس فقط أنها منعت الوصول إلى مواقع إنترنت معينة  قامت أيضا بفلترة المحتويات وفرض المراقبة عليها وذلك بفضل خصائص شبكات نوكيا سيمنز.

أسفرت القدرة على رصد حركة البيانات على الإنترنت وهواتف نوكيا الخليوية في اعتقال عدد من الأشخاص الذين ينقلون تقارير عن الأحداث الجارية في إيران ، مما أدى إلى مقاطعة المستهلكين في ايران هواتف نوكيا كعمل من أعمال الاحتجاج.

 

الزمن سوف يظهر تأثير “تويتر” على العلاقات بين الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط ومواطنيها. في غضون ذلك، أظهرت “تويتر” قدرة بمثابة وسيلة لنشر مستمر وسريع للمعلومات بين قطاعات واسعة من السكان.  ومن المؤكد أن هذا وحده لا يمكن إحداث تغيير اجتماعى  و توسع أساسي للحرية الاجتماعية والسياسية، ولكن من المؤكد أنه يحمل كثيرا من الإمكانات، ويلهم حتى الأمل لدى الجمهور الشرق اوسطى المحروم من الحقوق منذ فترة طويلة.

هذه المقالة متاحة أيضًا بـ: English 简体中文 繁體中文 עברית Română Türkçe